الأربعاء، 5 نوفمبر 2008

التغيير في أمريكا = التغيير في العالم

لقد فاز باراك أوباما بالانتخابات الرئاسية الأمريكية - 5 نوفمبر2008 - كما هو متوقع للمتابعين لهذه الانتخابات الدراماتيكية ، ومن خلال استطلاعات الرأي التي كانت دوما في صالحه ضد منافسة المسن " ماكين " ، لاشك أن الظروف كانت مواتية لفوز باراك أوباما ، وكانت هذه الظروف لصالحه منذ ترشيحه للرئاسة من قبل الحزب الديمقراطي ، ومن هذه الظروف على سبيل المثال لا الحصر : منذ باديات ترشيح الحزبين ( الديمقراطي والجمهوري ) كانت المنافسة على ترشيح الحزب الديمقراطي على أشدها بين أوباما وهيلاري كلينتون ، لاسيما وأن فوز أحدهما بالترشيح يعتبر تحديا بحد ذاته ، فاذا فاز أوباما فان التحدي والتغيير سيكون بترشيح أمريكي ملون ذي أصول عرقية افريقية ومن جذور اسلامية بذات الوقت ، أما اذا فازت هيلاري فان التحدي يتمثل بترشيح امرأة لكرسي الرئاسة وهذا مالم يتقبله الامريكان حتى الآن ، فكان الترشيح لصالح أوباما . في المرحلة التالية من الانتخابات الامريكية وهي المنافسة بين مرشحي الحزبين ، كان المنافس الجمهوري " ماكين " شخص هرم يبلغ من العمر 72 عاما وفي حاله فوزة فانه سيكون أكبر شخص تولى الرئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية ، كما أن اختيار ماكين لحاكمة ولاية ألاسكا " ساره بالين " الساذجه سياسيا لمنصب نائب الرئيس لم يكن موفقاً لوجود بعض الفضائح الادارية ابان حكمها للولاية بالاضافة الى ضعفها الخطابي والمعلوماتي والسياسي أثناء المقبلات والحوارات . ولاسيما أن حملة ماكين الانتخابية لم تكن موفقة في مواجهه نجاح حملة " أوباما " الانتخابية والتي كانت مدروسة بكل دقة .

أثناء ذلك وخلال اشتداد المنافسة بين الطرفين ، ظهرت أزمة الرهن العقاري الأمريكية او مايطلق عليها ( الأزمة المالية العالمية الثانية ) والتي من أسبابها الرئيسية الادارة الجمهورية السيئة للبيت الأبيض بقيادة جورج دبليو بوش" الابن" ، وتورط الولايات المتحدة بعدة حروب ( أفغانستان - العراق ) التي امتصت المليارات من الخزينة الأمريكية دون جدوى ، ناهيكم عن اعتماد لغة القوة وتقليبها على الحوار والدبلوماسية بشكل أدى الى تراجع موقع الولايات المتحدة الأمريكية على السُُلم الدولي واصبح العالم يتحدث عن نسق دولي متعدد الأقطاب بعد أن كان أحادي القطبية .

بدى الأمر سهلا أمام " أوباما" في ظل اخفاق الجمهوريين في ادرة البلاد والعالم وتردي الأوضاع الأمريكية في مختلف المجالات خاصة السياسية والاقتصادية ، وبدى الطريق واضحا أمام أوباما تحت شعار " التغيير" وببرنامج انتخابي واضح ، لكن بالمقابل لابد أن نعترف بنجاح " أوباما " الساحق ، وان التغيير بالفعل قد حصل بالولايات المتحدة ، حيث تخطت عقدة " اللون " بمراحل بفضل هذه الانتخابات ، وتوحدت في اختيار رئيسها المحنك والخطابي المتميز ، ولكن هل يطول هذا التغييرفي المزاج الأمريكي العالم ، وهل ستحل القضايا العالقة ولو جزئيا خاصة في الشرق الأوسط ؟ الرئيس أوباما والذي سيستلم مهام حكمة في 20 يناير2009 أمامة الكثير من القضايا الشرق اوسطية العالقة ، اذ لايزال العراق بعد خمس سنوات من الغزو الأمريكي غير مستقر رغم تحسن الأمن وذلك بفضل زيادة مستويات القوات الأمريكية 2007/2008 فهل سيفي أوباما بوعدة في خطاب الفوز بسحب القوات أم لا ؟ ، وهناك ايران وطموحاتها النووية والاقليمية التي فشلت معها كل المحاولات لعزلها وتقويضها فهل سيكون الحل دبلوماسيا أم عسكريا ؟ ، وكذلك الصراع العربي الاسرائيلي والذي يطلق عليه البعض " القضية الفلسطينية " فبعد عام تقريبا من اعادة الرئيس بوش اطلاق محادثات السلام الفلسطينية الاسرائيلية في " أنابولس " صدقت توقعات الكثيرين المتشائمة في ذلك الوقت ، وفشلت المحادثات بين الطرفين فماهو موقف اوباما الذي أيد اسرائيل في حملته الانتخابية؟ . كما لاننسى الملف السوري وتحالف سوريا التقليدي مع ايران وحزب الله المناهض لاسرائيل حيث أبدى أوباما أثناء حملته الانتخابية دعمه للحوار مع سورية واعتبر ذلك عاملاً مساعدا في استقرار المنطقة والعالم .

ومن المحتمل أن يواجه " أوباما " بعض الأزمات في الشرق الأوسط خلاف الأزمات الآنفة الذكر ، فهناك قضية انتقال السلطة في مصر حيث يحكم الرئيس حسني مبارك - البالغ من العمر 80 عاماً - منذ 27 عاما دون خليفة يذكر ، وهناك توترات بي السنة والشيعه وتوترات طائفية أخرى في دول سكانها يتبعون مذاهب وديانات مختلفة مثل العراق ولبنان وسورية وايران ومصر والبحرين . وهناك عدم استقرار في لبنان وهي دولة يقف فيها حزب الله وحلفاؤه بدعم من ايران وسورية في مواجهة ائتلاف يقودة السنة وتؤيده السعودية والغرب . وهناك أيضا عدم استقرار في اليمن وهو بلد فقير ولكنه ذو موقع استراتيجي على البحر الأحمر ومن بين مشكلاته نشاط تنظيم القاعده الملحوظ فيها .

في ظل كل هذه الأزمات الحالية والتحديات المستقبيلة في العالم ، وفي ظل رئيس جديد للولايات المتحدة الأمريكية استطاع ان يغير العقلية والمزاج و التمييز العنصري الأمريكي ، هل يستطيع " براك اوباما" من أن يغيرالعالم ، وتصبح حقبة حكمة وما بعدها تحت اسم ( عالم مابعد أوباما ) ؟